خان يونس تصنع أكبر حبة زيتون في العالم

على مدار تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، كانت شجرة الزيتون ولا زالت جزءاً لا يتجزأ من آلة الحرب الدائرة إلى جانب البندقية والحجر والصاروخ، وجزءا من الإستراتيجية المقاومة في معاندة الاحتلال كذلك.

وتبعث شجرة الزيتون لدى الفلسطينيين شعورًا بالصمود والعزة، ورثها الأبناء عن آبائهم كحلقة ضمن سلسلة الصمود، واتخذها الناس رمزاً لتصوير الحب العميق للأرض، ويرسمها الفنانون ليعبروا عن تجذر الفلسطيني في أرضه وتمسكه بها.

أما الاحتلال، فقد تعمَّد قتلها ووأدها في مهدها، وأعلن الحرب عليها منذ مجيئه، ولازالت شجرة الزيتون هدفاً أساسياً لجرافاته في مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة، فيما يعتبر بعض الفلسطينيين غصن الزيتون رمزاً للسلام والوحدة.

أكبر زيتونة في العالم

وفي مدينة خان يونس (جنوب قطاع غزة)؛ أطلق فريق من الشباب المتطوع التابع لجمعية الحق والعدالة" الفلسطيني، مبادرة لصناعة أكبر حبة زيتون في العالم، لتذكير العالم بالمخاطر التي تتعرض لها شجرة الزيتون بشكل شبه يومي في الأراضي المحتلة.

صاحب الفكرة، إسلام أبو خريس، مدير العلاقات العامة في الجمعية، أشار إلى أن الهدف من هذه المبادرة هو إبراز معاناة شجرة الزيتون في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، وقال: "من الواضح أنه أينما يجتاح اليهود فإنهم يستهدفوا شجرة الزيتون، لأنها رمز فلسطيني كبير".

وأضاف أبو خريس "نحن نهدف لتوضيح معاناتها، ونريد من خلال دخول موسوعة غينيس إلى تنبيه العالم إلى الاعتداء الإسرائيلي الصارخ والمتواصل بحق هذه الشجرة العريقة".

ونوه إلى أن حبة الزيتون الضخمة التي سيتم صناعتها ستكون بطول خمسة أمتار وعرض مترين ونص المتر، وستصنع من الحديد قبل أن يغطى بشادر أخضر، سيصمم على غلافها معرض صور يبرز معاناة شجرة الزيتون واعتداءات الإسرائيليين عليها خلال الحرب وقبلها وبعدها.

وبين أن فريق العمل يشتمل على عشرة أشخاص، بينهم مهندس وحداد وامرأة عجوز انتدبت نفسها للمشاركة بهذا العمل التراثي الوطني الكبير، الذي اعتبرته إبراز لتاريخ وتراث الشجرة المباركة.

شجرة مباركة ورمزا للسلام

وأكد أن الاهتمام بإبراز معاناة الزيتون نابع من أنها شجرة عمّرت لآلاف السنين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إضافة إلى كونها شجرة مباركة ورمز للسلام لدى كثير من الفلسطينيين.

وقال: "سنشجع من خلال هذه المبادرة زراعة شجرة الزيتون في كل مكان، وسنوجه كتابا لوزارة الزراعة لرعاية هذه الفكرة"، مشيرا إلى أنه سيتم وضع الزيتونة الكبيرة أعلى مبنى بلدية خان يونس أو في المنتزه الرئيس للمدينة حتى يراها الناس ويعرفوا معاناتها.

محمد فياض (27 عاما) المتطوع في سياق هذه المبادرة، أشار إلى أن العمل بهذا المشروع سيبدأ بعد عيد الفطر مباشرة، وسيستغرق أسبوعين.

ونوه إلى أن الفكرة جاءت بعد نقاش معمق لطاقم الجمعية، وتم التوافق على صناعة أكبر زيتونة لإبراز الإهانة التي تعرضت ولازالت تتعرض لها على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي لاسيما خلال الحرب الأخيرة.

وأشار فياض " إلى أنه يهدف من وراء مشاركته في هذه المبادرة لإبراز معاناة الزيتون، ورفعة شأن المؤسسة التي يتطوع بها، إضافة إلى البحث عن شهرته شخصيا من خلال دخوله ضمن الأرقام القياسية في موسوعة غينيس الدولية.

واستشهد بكلمات قالها الرئيس الفلسطيني الراحل حينما خاطب الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك عام 1974 لأول مرة وذلك حينما قال: "أتيتكم حاملا غصن الزيتون في يدي، وبندقية الثائر في اليد الأخرى، فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي".

أدبيات تاريخية

وتقف أدبيات إسرائيلية توراتية وسياسية وراء هذه الحرب الاحتلالية التدميرية التجريفية الاقتلاعية لشجرة الزيتون الفلسطينية.

وتشير الإحصاءات الفلسطينية الرسمية إلى أن الحملات الحربية الإسرائيلية ضد شجرة لزيتون بالتحديد إلى أن "شجرة فلسطينية مثمرة تقتلع كل دقيقة في الأراضي الفلسطينية"، والحصيلة "أن الأرض أصبحت تبكي أصحابها، وأن شجرة الزيتون التي تئن تحت وطأة جنازير الجرافات الاحتلالية تتناثر أشلاؤها تحت التراب في كل دقيقة تقريبا".

ويتخذ الفنانون الفلسطينيون من شجرة الزيتون عنواناً للوحاتهم الفنية التي تزين جدران قطاع غزة، لاسيما في يوم الأرض، والتي تعبر عن تمسك الفلسطيني بأرضه في مواجهة قوة القمع الإسرائيلية، في الوقت الذي تحوّلت فيه الشجرة إلى فلسطينية متهمة بالإرهاب وباتت في دائرة الاستهداف والإعدام المستمر.

كما احتلت شجرة الزيتون مساحة لدى الأدباء والشعراء والكتاب الفلسطينيين، وقال أحدهم في خاطرة بعنوان "الضحية شجره زيتون": يخططون.. ويدبرون.. والضحية شجره زيتون.. جرفوا أرضها.. قصفوا غصنها.. اغتالوا جذورها.. ظلت وحدها.. تبكى على أرضها.. ترثى حالها.. تنتظر دورها.. .حتى فقدت زيتونها.. والإجابة تظل مفقودة.. ألاًنها جنديا؟ أم إرهابيا !

عماد الثروة النباتية

أما اقتصادياً، فتشكِّل شجرة الزيتون عماد الثروة النباتية في فلسطين، وركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد الفلسطيني على مدار الفترة الماضية.

وجرفت قوات الاحتلال خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة أواخر العام 2008 ما يزيد على 400 ألف شجرة في مساحة تزيد عن ألف دونم في أراض المواطنين في كافة أنحاء القطاع، حسب معطيات وزارة الزراعة الفلسطينية.

وهناك في قرية الولجة غرب مدينة بيت لحم في الضفة الغربية المحتلة، يعتز الأهالي برعايتهم لما يقولون إنها أقدم وأكبر شجرة زيتون بفلسطين.

وقد خصصت وزارة الزراعة موظفاً ليرعى الشجرة التي يتناقل الأهالي بشأنها الحكايات والأساطير، فيما تختلف التقديرات حول عمرها، حيث ينقل البعض عن خبراء دوليين أن عمرها يزيد على ثلاثة آلاف عام، في حين قدر آخرون عمرها بخمسة آلاف عام.

الجنس :